إقبال الاحمد: بعد الإفلاس

يوما بعد يوم، ومع اقتراب يوم الاقتراع، ستشتد الحرب ضد المشاركة التي تتوسع يوما بعد يوم.. وستستخدم كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة في محاولة مستميتة لحشد اكبر عدد من المقاطعين.. ولكن كيف؟

وسط النجاح الكبير واقتناع اغلب المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات، والحرص على هذه المشاركة انطلاقا من واجبهم الوطني وحبهم لهذه الارض من دون اي مصالح اخرى.. هناك امر مؤسف يحصل، كأن يستخدم الدين وسيلة لفرض المقاطعة.. حين يقال «سيئاتك بدلها بحسنات» من خلال المقاطعة.. كما حصل في السنوات الماضية عندما اطلقت جماعات معادية لحقوق المرأة فتوى قبل ساعات من موعد الانتخابات بتحريم انتخاب النساء، الامر الذي اثر وللاسف كثيرا في نجاح النساء.

وعادة عندما يفلس طرف في اقناع الآخرين بالمنطق بوجهة نظره، ويجد الباب مغلقا امامه.. وان حجته ضعيفة بسبب قوة منطق الطرف الآخر، ووضوح وجهة نظره وعقلانية طرحه.. يلجأ الى الدين الذي يعرف ان كثيرا من الناس ضعفاء تجاهه، من واقع مجتمعنا المحافظ الملتزم.. يعزف فيه على اوتار الفتاوى والحلال والحرام والسيئات والحسنات.

وللاسف، فإن هذا قد ينجح عند البعض من البسطاء الذين يصدقون، ليس خبثا، ولكن بحسن نية لانهم يرون ان طاعتهم لله هي الاولوية عندهم.. من دون ان يتحققوا من كل ما يصلهم من واقع ثقتهم بالاخرين الذين يعتاشون على استغلال النيات الطيبة والبسيطة من بسطاء الناس واكثرهم طيبة.. والذين لا يناقشون مدى علاقة ما يصلهم من افتاءات بواقعهم او الحدث موضوع الافتاء.

والا فما مبرر ان المشاركة في الانتخابات تبقي السيئات وان استبدالها بحسنات لا يكون الا بالمقاطعة.. وانا هنا اطلب من عقلاء القوم عندنا والمشايخ ورجال الدين اصحاب الثقة ان يرفضوا مثل هذه الشعارات، وتبيان خطأ هذه الاقوال وتوعية الناس بخطورتها.. فهل المشاركة تبقي سيئات من قرر الانتخاب.. فيما سيئات المقاطعين ستستبدل بحسنات.. واي حسنات تلك التي ستستبدل؟.. هل هي حسنة معصية ولي الامر… ام ارهاب الآخرين ام تضليلهم؟

لا يجوز ان يقذف من قرر المشاركة في الانتخابات ترشيحا ووصفهم بانهم «دخلوا مزبلة التاريخ» ومن قرر المشاركة في الانتخاب فان سيئاتهم لا تمحوها الافعال الحسنة بكل اشكالها والنية الصادقة والنقية والنظيفة واعمال الخير.. بل بمقاطعة الانتخابات.

ادعو كل الناس الى الوعي لمثل هذه الامور.. ورفضها، حتى وان كانوا من المقاطعين اصلا.. فلا يجوز اختزال الحسنات والمغفرة عند طرف واحد لمجرد انه لم يجد من المنطق والعقل شيئا يتحدث فيه مع الآخرين لعل وعسى ان يغيروا رأيهم.. فلجأ الى الحلال والحرام والحسنات والسيئات والمحرمات.

اليقظة ثم اليقظة.. فالعزف على وتر الدين مخاطرة كبيرة واستغلال الدين في غير مكانه هو السيئات بعينها وهو الحرام بعينه.

اقبال الاحمد

iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.